قصـص نســــــاء خائنات

وبعيدا عن الثقافة الشرقيّة وقيمها يبقى موضوع الخيانة سواء من قبل الرجل أو المرأة مؤشرا دالا على وجود خلل في مؤسسة الزواج وغياب الحوار والحب والاحترام المفترض بين الطرفين.
وقد تزايدت حالات الخيانة الزوجيّة مقارنة في السابق وهذه المرة من قبل النساء سواء المعلنة من خلال حالات الطلاق والانفصال أو المخفيّة. حاولت مجلة «أنت» فتح الملف وتسليط الضوء على هذه القضية لمعرفة أسبابها واستطلاع الرأي حول تفاصيلها وكيفيّة علاجها.

ما فعلته ليس خيانة
السيدة الأربعينية التي أطلقت على نفسها اسم حنان ترفض أن تصف ما فعلته بالخيانة حيث تعرفت على شخص خلال فترة زواجها وبادلته مشاعر الحب في الوقت الذي كانت علاقتها الزوجيّة تحتضر كما تقول بسبب معاملة زوجها القاسية وعدم إبدائه أي اهتمام أو حتى احترام لها.
وتتابع أنها لدى تأكدها من مشاعر الشخص الذي أحبته طلبت من زوجها الطلاق الذي حصلت عليه بعد معاناة طويلة ولدى حصولها عليه ارتبطت بمن أحبت واختارت.
ولا تنكر حنان حجم المعاناة التي عاشتها في تلك الفترة بخاصة مع وجود طفلين مبيّنة أنها ترددت على أخصائي نفسي لطلب المشورة والنصح «مع أن زوجي كان يخونني باستمرار وعلى علم من والديه وأسرته وكنت أنا بنظرهم المجرمة الخائنة حتى بعد أن انفصلت وتزوجت بحسب الشرع والعادات والتقاليد».

مبررات تسوقها المرأة للخيانة
وفي مقابل هذه الحكاية تقع خلف الأبواب الموصدة تفاصيل لقصص أخرى لنساء وقعن في الخيانة دون أن يطلبن الانفصال خوفا من لقب مطلقة أو خوفا على مصير الأولاد وهدم البيت.
وتتعدد قصص النساء اللواتي يجدن أنفسهن انخرطن في قصص عاطفية وهن زوجات وأمهات ولكل قصة خيانة سبب أو مبرر تسوقه المرأة لتريح ضميرها فهذه تنتقم لكرامتها المجروحة بعد خيانة زوجها لها ظننا منها أنها بذلك توجه له الإهانة بمثلها، وأخرى معتدّة بجمالها وترغب بجمع أكبر عدد من المعجبين، وثالثة تعاني من إهمال زوجها لها أو عدم احترامه لكيانها وعواطفها فتجد في الآخر الملاذ الذي تلجأ له لإشباع الفراغ العاطفي لديها بطريقتها الخاصة.
وتبقى معظم قصص الخيانة من طرف المرأة طي الكتمان وفي حال انكشف المستور يقع ما لا تحمد عقباه حيث تعتبر خيانة المرأة من الأمور شديدة الحساسية والتي تطعن الرجل في كرامته ورجولته بحسب الثقافة الشرقيّة المعروفة.



فعل الزوج
وفي حال تم افتضاح الأمر تختلف ردة الفعل بالنسبة للزوج بين من يؤذي بكل الطرق من ضرب وقتل وتشهير بسمعة الزوجة وأسرتها على الملأ وبين من ينفصل بهدوء، ونادرا ما يتم احتواء الأمر بعكس معظم قصص خيانات الرجل التي تحتويها المرأة حتى لا تهدم بيتها.
محمد خضر «50 عاما» ويعمل في الجامعة الأردنية يقول: إن خيانة المرأة في حال عرفها الزوج تعتبر غلطة لا تغتفر مشيرا بالوقت ذاته إلى أن وقوع هذا الأمر يدل على وجود خلل كبير في العلاقة.
ويستطرد: إن الزوج لابد أن يتثبت من الأمر ويتحقق منه وفي حال تأكد من ذلك فيجب أن يتصرف بحكمة ومنطق وأن لا ينجر وراء العنف الذي سيعود عليه بالأذى.
ولدى سؤاله عن تصرف الزوج في هذه الحالة يقول: إن الزوج الحكيم لابد أن يتساءل عن الأسباب التي أدت لحدوث هذ المشكلة ثم ينفصل بهدوء مبينا أن الخيانة دليل قاطع على علاقة فقدت احترامها لذلك يكون الانفصال هو الحل الوحيد.
ويشترك زيد عبد الرحيم ويعمل في حقل الإعلام بالرأي مع خضر مشيرا إلى أن حل هذه المشكلة لابد أن يخضع للشكل الحضاري في التعامل وهو الانفصال بهدوء.

الطلاق الحل الوحيد
ويقول عبد الرحيم: إن الرجل العاقل لابد أن يسأل نفسه عن النقص لديه والذي أدى إلى خيانة زوجته له، وفي حال تأكد من عدم تقصيره في شيء يكون الطلاق هو الحل الأخير والوحيد «بهذه الحالة يكون الخلل في الزوجة وعلى الزوج الانسحاب دون الشعور بأي أسف».
وتعكس آراء خضر وعبد الرحيم الشكل الحضاري للتعامل مع المشكلة مع الإشارة إلى أن ردود فعل الأزواج تتفاوت حسب البيئة والمستوى الثقافي للزوج فهناك من يلجأ للعنف المتمثل بالقتل والضرب والإيذاء والتشهير بالزوجة وأهلها وبين من يشكل لهم الموضوع عقدة نفسية يترددون بسببها على الأخصائيين النفسيين لفترة طويلة.
وفي هذا الإطار يسوق عبدالله سليم ويعمل مدرسا مثالا لأحد أصدقائه الذي راوده الشك «مجرد الشك بسلوك زوجته» فما كان منه إلا أن طلقها وبقي يعاني عقدة نفسية لم تفارقه حتى اليوم برغم مرور 10 سنوات على القصة مع رفضه القاطع الزواج مرة أخرى.
ويقول سليم: إن هذا الأمر يطعن الرجل في صميم كرامته ورجولته ويشكل ندبة في النفس لا تندمل مع الوقت مع تأكيده على عدم ..النفس لا تندمل مع الوقت مع تأكيده على عدم التعميم في هذه الحالة والشك الذي لا مبرر له في كل النساء كما حدث مع صديقه.

ذنب المرأة لا يغتفر
من جانبها، توضح الإعلامية رانيا سابا أن المرأة العربية ممكن أن تغفر الخيانة للمحافظة على بيتها ولكن الرجل لا يغفر، «المرأة تحتمل المعاناة النفسية أكثر».
وتتابع: إن هذه منظومة اجتماعية في مجتمعنا العربي من الصعب أن تتغير.
وتعاني المرأة التي تقع في الخيانة من صراعات نفسية تؤدي بها إلى زيارة الطبيب النفسي لطلب المشورة في بعض الأحيان بخاصة أنها لا تستطيع البوح بالأمر لأي أحد نظرا لحساسيته.
وفي هذا السياق يوضّح الطبيب النفسي فائق الزغاري أن تعامل الزوجات مع هذا الأمر يختلف من واحدة لأخرى مبينا أن هناك من تراجع العيادة للشكوى من تصرفات عشيقها معها « وبذلك هي لا تشعر بأي تأنيب ضمير تجاه زوجها وتتعامل مع الأمر على أنه حريّة وانفتاح».

عوامل نفسيّة
وهناك فئة أخرى تأتي وهي تعاني من متاعب نفسية نظرا لشعورها بالذنب وتأنيب الضمير بحسب الزغاري، وهنا تعاني السيدة من اكتئاب شديد وتحتاج لعلاج مكثف».
وحول تحليل هذه المشكلة ومعرفة أسبابها النفسية يقول الزغاري: إن المرأة بطبيعتها تحب الاستقرار المتمثل بوجود بيت وأسرة تمنحها الأمان، وفي حال لم تتوفر هذه المقومات في منزل الزوجيّة تفكر بعض النساء بالخيانة.
ويؤكد الزغاري أن المرأة ليس من السهل أن تقع في الخيانة فالأساس لديها هو عدم الخيانة ومنح الثقة مشيرا إلى الدور الكبير الذي يلعبه الزوج في منح زوجته الثقة والحب والأمان.
وعن الأسباب التي تدور حولها واقعة الخيانة يقول الزغاري: تتلخص في عدم احترام الزوج الذي يصل في بعض الأحيان للإهانة، وأيضا البرود الجنسي وتراكم الخلافات التي تبني حالة من النفور مع الزمن وبهذا يتلاشى الجو الصحيّ المفترض وجوده في المنزل إلى جانب ضعف القيم والمبادئ الدينيّة لدى الزوجة الخائنة.
حالة التفوق على الزوج
يقول الزغاري: إن هناك نساء يشعرن بالتفوق على أزواجهن بسبب حالة مادية جيدة أو جمال لافت أو وضع مهني مرموق، وهنا تشعر الزوجة أنه من حقها البحث عن شخص آخر تقيس نفسها به وبذلك تقع في الخيانة.
ويضيف: وهناك نساء يطمحن بتحسين أوضاعهن المادية عن طريق الخيانة. وفي هذه النقطة يلفت إلى الخلل في التربية والتنشئة
إعلان

لهذه السيدة في طفولتها وضعف الوازع الديني والقيمي لديها.
و يبيّن أستاذ علم الاجتماع د. حسين الخزاعي أن رصد هذه المشكلة أمر متعذر ولم تستطع الدراسات التوصل لشيء إلا من خلال الأمراض المنتشرة بسبب العلاقات الجنسيّة خارج إطار الزواج ومنها الإيدز.
وفي إحصائية تقريبية يبين الخزاعي أن هناك من 6 – 10 % من الرجال والنساء لديهم علاقات جنسيّة خارج إطار العلاقة الزوجيّة بنسبة ثلث عند النساء وثلثين عند الرجال وهذه الأرقام استنتاجية تمّ التوصل إليها من خلال بعض الأمراض الجنسيّة المتأتية من العلاقات الجنسيّة خارج إطار الزواج.

ليست ظاهرة
ويؤكد الخزاعي أن الأمر لم يصل بعد إلى حد الظاهرة بسبب كبرياء المرأة الشرقيّة وارتباطها بمنزلها وأسرتها. و أحيانا تدخل سيدات في نفق الخيانة الزوجيّة والارتباط بعلاقات عاطفية خارج إطار الزواج دون أي بعد جنسيّ للعلاقة.
وفي هذا يقول الأخصائي النفسي باسل الحمد: إن المرأة بهذه الحالة تكون في حاجة إلى إشباع عاطفي بسبب خلل أصاب العلاقة الزوجية نتج عن عدم اتصال عاطفي عميق.
ويشير الحمد إلى أن هذا الأمر هو الذي يدفع الرجل كذلك للخيانة، منوها إلى أن الخيانة هي حالة يغيب فيها التفكير المنطقي.
بدورها ترفض المختصة في دراسات المرأة في الجامعة الأردنية الدكتورة أمل خاروف تقبل مبررات لخيانة المرأة أو الرجل، وتقول: إن المرأة التي تقع في الخيانة هي إنسانة لديها الاستعداد لذلك لأسباب خاصة بها مثل إهمال الزوج أو خيانته أو بعده المتواصل عنها، مستطردة أن هناك كثيرا من النساء يعانين من المشاكل نفسها لكن لا تكون ردة الفعل الخيانة.
وتدعو خاروف المرأة التي تعاني من هذه المشكلة أن توجه اهتمامها إلى الأعمال المفيدة التي تشغل تفكيرها عن أمور تنقصها في الحياة، «هي لا تدرك أنها تخرج من مشكلة وتقع في مشكلة أكبر».
ويبقى موضوع الخيانة الزوجية من طرف الزوج أو الزوجة من المواضيع التي أثارت جدلا على مدى الأزمان وستبقى.